فصل: وفاة المستعلي وولاية ابنه الآمر.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة المستعلي وولاية ابنه الآمر.

ثم توفي المستعلي أبو القاسم أحمد بن المستنصر منتصف صفر سنة خمس وتسعين لسبع سنين من خلافته فبويع ابنه أبو علي ابن خمس سنين ولقب الآمر بأحكام الله ولم يل الخلافة فيهم أصغر منه ومن المستنصر فكان هذا لا يقدر على ركوب الفرس وحده.

.هزيمة الفرنج لعساكر مصر.

ثم بعث الأفضل أمير الجيوش بمصر العساكر لقتال الفرنج مع سعد الدولة الفراسي أميرا مملوك أبيه فلقي الفرنج بين الرملة ويافا ومقدمهم بغدوين فقاتلهم وانهزم وقتل واستولى الفرنج على معسكره فبعث الأفضل ابنه شرف المعالي في العساكر فبارزوهم قرب الرملة وهزمهم واختفى بغدوين في الشجر ونجا إلى الرملة مع جماعة من زعماء الفرنج فحاصرهم شرف المعالي خمسة عشر يوما حتى أخذهم فقتل منهم أربعمائة صبرا وبعث ثلثمائة إلى مصر ونجى بغدوين إلى يافا ووصل في البحر جموع من الفرنج للزيارة فندبهم بغدوين للغزو وسار بهم إلى عسقلان فهرب شرف المعالى وعاد إلى أبيه وملك الفرنج عسقلان وبعث العساكر في البرمع تاج العجم مولى أبيه إلى عسقلان وبعث الأسطول في البحر إلى يافا مع القاضي ابن قادوس فبلغ إلى يافا واستدعى تاج العجم وحبسه وبعث جمال الملك من مواليه إلى عسقلان مقدم العساكر الشامية ثم بعث الأفضل سنة ثمان وتسعين ابنه سنا الملك حسين وأمر جمال الملك بالسير معه لقتال الفرنج فساروا في خمسة آلاف واستمدوا طفتكين أتابك دمشق فأمدهم بألف وثلثمائة ولقوا الفرنج بين عسقلان ويافا فتفانوا بالقتل وتحاجزوا وافترق المسلمون إلى عسقلان ودمشق وكان مع الفرنج بكتاش بن تتش عدل عنه طفتكين بالملك إلى ابن أخيه دقاق بن تتش فلحق بالإفرنج مغاضبا.

.استيلاء الفرنج على طرابلس وبيروت.

كانت طرابلس رجعت إلى صاحب مصر وكان يحاصرها من الفرنج ابن المرداني صاحب صيحيل والمدد يأتيهم من مصر فلما كانت سنة ثلاث وخمسين وصل أسطول من الفرنج مع ويمتدين إلى صيحيل من قمامصتهم فنزل على طرابلس وتشاجر مع المرداني فبادر بغدوين صاحب القدس وأصلح بينهم ونزلوا جميعا على طرابلس وألصقوا أبراجهم بسورها وتأخرت الميرة عنهم من مصر في البحر لركود البحر فاقتحمها الفرنج عنوة ثاني الأضحى من سنة ثلاث وخمسين وقتلوا ونهبوا وأسروا وغنموا وكان واليها قد استأمن قبل فتحها في جماعة من الجند فلحقوا بدمشق ووصل الأسطول بالمدد وكفاية سنة من الأقوات بعد فتحها ففرقوه في صور وصيدا وبيروت واستولى الفرنج على معظم سواحل الشام وإنما خصصنا هذه بالذكر في الدولة العلوية لأنها كانت من أعمالهم وسنذكر البقية في أخبار الفرنج إن شاء الله تعالى.

.استرجاع أهل مصر بعسقلان.

كان الآمر قد استولى على عسقلان من قواد شمس الخلافة فداخل بغدوين صاحب بيت المقدس من الفرنج وهاداه ليمتنع به على أهل مصر وجهز أمير الجيوش عسكرا من مصر للقبض عليه إذا حضر وشعر بذلك وانتقض وأخرج من عنده من أهل مصر وخاف الأفضل أن يسلم عسقلان إلى الفرنج فأقره على عمله وارتاب شمس الخلافة بأهل عسقلان واتخذ بطانة من الأرمن فاستوحش أهل البلد فثاروا به وقتلوه وبعثوا إلى الآمر والأفضل بذلك فأرسل إليهم الوالى من مصر وأحسن إليهم واستقامت أحوالهم وحاصر بغدوين بعد ذلك مدينة صور وفيها عساكر الأرمن واشتد في حصارها بكل نوع وكان بها عز الملك الأعز من أولياء الأمر فاستمد طفتكين أتابك دمشق فأمده بنفسه وطال الحصار وحضر أوان الغلال فخشي الفرنج أن يفسد طفتكين غلال بلدهم فأفرجوا عنها إلى عكا وكفى الله شرهم ثم زحف بغدوين ملك الفرنج من القدس إلى مصر وبلغ سنتين وسبح في النيل فانتقض عليه جرح كان به وعاد إلى القدس ومات وعهد بملك القدس للقمص صاحب الرها ولو لا ما نزل بملوك السلجوقية من الفتنة لكانوا قد استرجعوا من الفرنج جميع ما ملكوه من الشام ولكن الله خبأ ذلك لصلاح الدين بن أيوب حتى فاز بذكره.